من خلال مانعلم ونسمع ونقرأ بل ونتبادل القصص في ما قرنه الله مع عبادته ألا وهو ( بِرُّ) الوالدين نرى العجب ونسمع منها العجاب . لا شك أن الكثير منا لديه المعلومات الكافيه والشاملة عن بر الوالدين ومايستحقون ومانحن تجاهم وماذا يجب علينا نحوهم وما شابه ذلك ، لكن الأمر أبعد مما نتصور لو أمعنت النظر في الموضوع قليلاً. لك أن تتخيل أن الله عزوجل لا يقرن بعبادتة أمر هين . ولك أن تتخيل أن الله نهى عن التذمر منهم ولو بأدنى كلمة أقرب ماتكون الكلمة نَفَساً أطلقه أحدنا وهو متضجر (أًف ) .
ولأن الأب يشعر بأبنه قبل قدومه ويترقب قدومه فيرعاه صغيراً ويحميه من كل مايخشى . ويقدم له جُلّ ما يستطيع بل أفضل مايقدر عليه من مأكل ومشرب ومسكن ولا يطلب منك رداً ولا ينتظر منك إحساناً بل يكتفي بأن يستمر بدعائه لك بعدد نداء كل طِفل لأبيه وهو في سنوات عمره الأولى بل أكثر . أذن لا يوجد أحد في العالم يحمل مشاعر صادقه تجاهك سوا والديك . ولأن برهم مقرون مع عبادتنا لله كان لازماً على كل واحد منا تقديم مالايمكن تصوره في الإحسان المنقطع النظير . فبعضنا يرى الإكتفاء بسرد احداث يومه لوالديه وكأنه موظف شعر برتابة عمله وهو يسرد على مديره تقارير العمل الأسبوعي طيلة عشرين عام. والبعض الآخر يكتفي بالحضور الجسدي والإنشغال الذهني وكأن به يقول أتيت لأبركم وسأذهب بعد قليل !! . البر بحق ليس بأن تقوم بأعمال تسمع من الآخرين انها بر . البر الحقيقي هو أن تفهم مايفكر به والديك وتشعر بما يشعرون به وتقدم لهم العون والمساعدة قبل أن يسألوك . وتسرد لهم الأحداث صادقة من قلبك وتسمع منهم الأراء وأنت على يقين بأن كلامهم لك من حب وحديثهم معك من قلب حانٍ وسماعهم لكل ماتقول هو بسبب شيء جميل في صدروهم لايمكن أن تجده في أي مخلوق آخر . لنكن أرقى في تعاملنا . لنكن أقرب . بل لنسأل في برنا مع والدينا بدل من أن نُجيب على الأسئلة . فسؤالنا يعني حرصنا ، والأكتفاء بالإجابة عند سؤالهم لنا دونما مبادرة منا للسؤال تعني وببساطة عدم فهمنا لمعنى ( بر الوالدين ) . اكتب هذا الكلام وأن أول المقصرين وأسأل من الله العفو والمغفره وأن يجزيهم عنّا خير الجزاء .
تَحَمَّـلْ عَـنْ أَبِيْـكَ الثِّقْـلَ يَوْمـاً
فَـإِنَّ الشَّيْـخَ قَـدْ ضَعُفَـتْ قِـوَاهُ
أَتَـى بِـكَ عَـنْ قَضَـاءٍ لَمْ تُـرِدْهُ
وَآثَـرَ أَنْ تَـفُـوزَ بِـمَـا حَـوَاهُ