كما قد يحدث القلق عند تغيير المنزل أو العمل أو أي شيء مرتبط
بالمستقبل أو ما شابه ذلك . وقد يصاب الإنسان بالقلق كانفعال
طارئ يزول بزوال السبب ، وقد يصبح مزمنا يبقى مع الإنسان
لساعات أو أيام .
ومن أشكال القلق قلق الأم على ابنها إن تأخر عن موعد وصوله ،
وقلق الإنسان على وظيفته وعمله ، أو قلق المرء على صحته
حين يمرض ، وقلق الطالب على نتائج امتحاناته ، أو قلق التاجر
على تجارته .. وهناك أشكال كثيرة من القلق لا مجال
لحصرها . ويصاب الإنسان القلق بأعراض مختلفة ، منها
الإحساس بالانقباض ، وعدم الارتياح والشعور بعدم الطمأنينة،
والتفكير الملّح والأرق ، كما قد يشكو القلق من الخفقان وإحساس
بتشنج في المعدة أو برودة في الأطراف ..
وليس منا من لا يقلق في لحظة من اللحظات ، أو موقف من
المواقف ، فهذا أمر طبيعي ، أما أن يستمر القلق لأيام ، بل
لشهور أو سنين ، فهذا ما لا تحمد عقباه . ومن الناس من يقلق
لأتفه الأسباب ، فتساوره الهموم والشكوك ، ويعيش أيامه بين
القلق والاكتئاب .
فإذا أردت اجتناب القلق عليك مراجعة نفسك وموازينك ، وتدبر
أمورك وأحوالك .
وإليك بعض الوصايا التي يمكن أن تساعدك في التخلص من القلق والخوف من المستقبل ..
1. عش في حدود يومك ولا تقلق على المستقبل ، ولا تخش قلة
الرزق ، فالرزق بيد الله
قال تعالى : ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) الذاريات 22 .
2. ذكر نفسك بالثمن الفادح الذي يدفعه جسمك ثمنا للقلق .
3. دع التفكير في الماضي ، فإنه لن يعود مهما حاولت ..
يقول الرسول عليه السلام : " وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني
فعلت كان كذا وكذا ، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو
تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم وأحمد
4. تدبر الحقائق بعناية قبل صنع القرار ، ومتى اتخذت قرارا
حصيفا ، أقدم على تنفيذه واستعن بالله ولا تتردد .. وتذكر قول
رسول الله عليه السلام : " إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت
فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم
ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك
بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام
وجفت الصحف " رواه الترمذي وأحمد في مسنده .
5. ارضَ بقضاء الله تعالى وقدره . فالمؤمن لا يخشى مصائب
الحياة ، فكل أمره خير .. يقول عليه السلام : " عجبا لأمر
المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن
أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر
فكان خيرا له " رواه مسلم وأحمد . ويقول تعالى : ( وعسى أن
تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ،
والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) البقرة 216
6. أحصِ نعم الله عليك ، بدلا من أن تحصي همومك ومتاعبك .
يقول تعالى : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) إبراهيم 34 .
واسأل نفسك دوما : هل تستبدك مليون ريال بما تملك أتبيع عينيك
مقابل بليون دولار ، وكم من الثمن ترى يكفيك مقابل يديك أو
ساقيك أو أولادك احسب ثروتك بندا بندا ، ثم اجمع هذه البنود ،
وسوف ترى أنها لا تقدر بثمن . يقول شوبنهور : " ما أقل ما
نفكر فيما لدينا ، وما أكثر ما نفكر فيما ينقصنا " .
7. لا تهتم بصغائر الأمور ، ولا تجعل صغائر المشاكل تهدم
سعادتك ، ولا تسمح لنفسك بالثورة من أجل أشياء تافهة .
8. لا تعط الأمور أكثر مما تستحق ، قدر قيمة الشيء ، وأعط كل
شيء حقه من الاهتمام .
9. استغرق في عملك ، فإذا ساورك القلق أشغل نفسك بما تعمل
أو بأمر آخر مفيد ..
10. لا تكن أنانيا ، وصب اهتمامك على الآخرين ، واصنع في
كل يوم عملا طيبا يرسم الابتسامة على وجه إنسان.
11. اجعل عملك خالصا لله تعالى ، ولا تنتظر الشكر من أحد .
قال عليه السلام : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما
نوى "
12. ركّز جهودك في العمل الذي تشعر من أعماقك أنه صواب ،
ولا تستمع للوم اللائمين ، وإذا ما وجدت نفسك على خطأ
فالتراجع عنه فضيلة .
13. احتفظ لنفسك بسجل تدون فيه الأخطاء التي ارتكبتها ،
واستحققت النقد من أجلها ، عد إليها من حين لآخر ، لتستخلص
منه العبر التي تفيدك في مستقبلك . واعلم أنه من العسير أن
تكون على صواب طوال الوقت ولا تستنكف أن تسأل الناس النقد
النـزيه الأمين وتقبل نصيحة الراشدين ، فالنبي عليه السلام
يقول : " الدين النصيحة " رواه مسلم وأحمد
14. لا تفكر في محاولة الاقتصاص من أعدائك ، فإن حاولت ذلك
أذيت نفسك أكثر مما تؤذي أعداءك . قالت تعالى : ( ادفع بالتي
هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) فصلت
34 . واكظم غيظك ولا تغضب ، فالله تعالى يمتدح الكاظمين
الغيظ والعافين عن الناس . : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن
الناس والله يحب المحسنين )
15. حاول أن تغير الأشياء السلبية إلى إيجابية .. ويضرب ديل
كارنجي مثلا فيقول : " إذا لقيت بين يديك ليمونة مالحة ، فحاول
أن تصنع منها شرابا سائغا حلوا " .. وفكر دوما في السعادة ،
واصطنعها لنفسك تجد السعادة ملك يديك ...
16. اعرف نفسك ولا تحاول التشبه بغيرك ، ولا تحسد أحدا من
الناس ، فقد رفع الله الناس بعضهم فوق بعض،: ( وهو الذي
جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم
في ما آتاكم ) الأنعام 165
17. التزم في عملك بالقواعد التالية : - استرح قبل أن يدركك
التعب .
- حين تعترضك مشكلة احسمها فور ظهورها .
- أضف إلى عمك ما يزيد استمتاعك به .
- تعود النظام والترتيب .
- افعل الأهم ثم المهم .
- لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد .
- لا تحمل نفسك ما لا تطيق . : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )
18. تحر الحكمة في إنفاقك ولا تقتر على عيالك او من تحت
يدك .. قال عليه السلام : " أفضل الدنانير دينار ينفقه الرجل على
عياله ، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله ، ودينار ينفقه
الرجل على أصحابه في سبيل الله عز وجل " رواه مسلم وأحمد
و: ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد
ملوما محسورا ) الإسراء 29
19. لا تستسلم لعقدة الإحساس بالذنب ، فالله تعالى غفور
رحيم .. : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى )
طه 82 . وقال أيضا في محكم كتابه : ( قل يا عبادي الذين
أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب
جميعا ) الزمر 53
20. إذا أصابتك لحظات من القلق والخوف ، فلا تجزع ولا تيئس
فقد تكون ابتلاء من الله تعالى ، فعليك بالصبر والاستعانة بذكر الله
تعالى .. : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من
الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم
مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من
ربهم ورحمة ، وأولئك هم المهتدون ) البقرة 155 – 157
المفضلات