النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أيهما أفضل المخالطة مع الصبر أم العزلة ؟؟

  1. #1
    انجليزي رائع
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    187
    معدل تقييم المستوى
    2424

    أيهما أفضل المخالطة مع الصبر أم العزلة ؟؟

    (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)

    أقول :ــ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – "اَلْمُؤْمِنُ اَلَّذِي يُخَالِطُ

    اَلنَّاسَ, وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنْ اَلَّذِي لَا يُخَالِطُ اَلنَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ " أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ

    حَسَنٍ . فإن مخالطة الناس لا بد وأن يكون فيها بعض الشقاء والعناء ، ولا بد وأن يكون فيها بعض النكد

    والضيق ،ولكن على المؤمن عموما والداعية على وجه الخصوص أن يصبر على الناس وعلى ما يصدر منهم

    عليه من أذى ، وأن يحتسب الأجر في ذلك ، وأن ينظر دائما إلى الناس بعين الرأفة والرحمة ، فإن الناس

    محتاجون إلى الداعية والعالم أشد من حاجتهم للطعام والشراب ، والأذى منهم لا بد وأن يكون على العالم

    والداعية ، ولا مخرج من هذا إلا بالصبر والتغاضي والحلم واحتساب الأجر ، ولا حق للداعية أن يترك الناس

    ويهجرهم انتصارا لنفسه ، ولا أن يتبرم من حالهم ولا يخلص في النصح لهم ، فإن تلك الأفعال مجانبة للحكمة

    والهدى ، ولا يتصور الداعية في يوم من الأيام أن الأمور ستصفى له الصفاء الكامل ، بل عليه أن يوطن نفسه

    على أن الأمور فيها من التعقيد والكبد ما فيها ، وإن أحب الخلق إلى الله تعالى هم الرسل والأنبياء ، ومع

    ذلك فقد عانوا من أممهم الأمرين ، ولاقوا في سبيل الدعوة إلى الله تعالى ما لا يوصف ، من الأذى القولي

    والفعلي والطرد والإهانة والقتل ، ومع ذلك فلا يزال الأنبياء على دعوتهم والصبر عليهم ، ألا ترى أن الله تعالى

    عاتب نبيه يونس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لما ذهب مغاضبا مغتاظا من قومه ، فقال تعالى{وذا النون

    إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا الله إني كنت من الظالمين} فالأمر

    ليس باختيار الداعية أن يترك القوم وحالهم ، بل الصبر على الناس وتحمل الأذى الصادر منهم من الأمور

    الواجبة التي لا مناص عن حملها والقيام بها ، والعاقبة للمتقين ، وإنما هو ابتلاء وامتحان يجريه الله تعالى

    على الدعاة والعلماء ليميز الصادق الصابر المحتسب من النزق المتعجل الطائش ، واعلم أيها الداعية الموفق

    أن العواقب من الصبر والحلم والتغاضي ستكون أحلى وأحلى وأحلى من الشهد، والنبي صلى الله عليه

    وسلم خالط الناس في دعوته بالاحتساب والصبر والحلم والأناة ولم يخالطهم بالفظاظة والغلظة والقسوة

    والغضب وصدق الله {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}ومقابلة السيئة بالحسنة من أبدع الأخلاق

    وأحبها إلى الله تعالى قال تعالى{ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} وقال تعالى{فاعف عنهم واصفح

    إن ذلك من عزم الأمور}وقال تعالى{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}إنها معالم نورانية للسالكين

    وبراهين ربانية لشحذ همم السائرين ترشدهم إلى الخلق الذي يستوعبون به الناس لينقلوهم من ضيق

    النفوس إلى سعة القلوب والصدور , وإن من أحوج الناس لتلمس تلك الدلالات والمعاني الذين يتصدرون لدعوة

    الناس ، وحياته صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة دليل الصدق على سمو نفسه عليه الصلاة والسلام

    فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : "كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني

    غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة ، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى

    الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته . ثم قال : يا محمد ، مر لي من مال الله الذي

    عندك ، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أمر له بعطاء ".موقف رهيب ، وحلم عجيب ، وبهاء

    وروعة ، وسمو وتواضع ، وحنو مصدره إيمان وحلم يزين جبين الرحمة المهداة والمنة المسداة لهذه البشرية

    الحائرة التي كانت قبل محمد صلى الله عليه وسلم لا تعرف ما معنى الرحمة ولا ما معنى الخلق .بالله

    عليكم يا أحبابنا لو كانت هذه المعاني مستحضرة في واقعنا وواقع تعاملنا مع عباد الله عز وجل كيف سيكون

    حال دعوتنا ؟ كيف لو استحضر المعلم هذا المعنى مع طلابه ورواد درسه؟ وكيف لو استحضرت المعلمة ذلك

    مع طالباتها ؟ وكيف لو تأمل الداعية والمربي والشيح والعالم في هذا الموقف من النبي صلى الله عليه

    وسلم وتمثله أصحاب الرسالات والدعوات في حياتهم ، كيف سيكون حال الناس ؟ إن الشعور النبوي الكريم

    والشفقة على الخلق قد فاضت حتى انطبعت في قلوب اتباعه وأصحابه حبا وتضحية يفوق وصف الواصفين

    وقبولا ماله نظير وكيف لا يكون الأمر كذلك وهو الرحمة التي أنقذ الله بها البشرية من غول التيه والحيرة.يا

    معشر الدعاة يا معشر المربين يا معشر العلماء والفضلاء والنبلاء الحلم الحلم فإنكم لن تسعوا الناس

    بأموالكم فلتسعوهم بأخلاقكم .وانظر كيف تعامل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع من بال في مسجده

    الذي بناه هو وأصحابه وتعبوا في بنائه ، ثم يأتي هذا الأعرابي ويبول فيه ، والله ما زجره ولا نهره ، ولكن منع

    الناس من ضربه والتعدي عليه ، وعلمه أحسن التعليم بأن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا الأذى

    ولا القذر وإنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن ، وانظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو يقف موقف

    العز في فتح مكة ، ويقف من آذوه وطردوه وأتعبوه وعذبوا أصحابه وساموهم سوء العذاب موقف الذل والمهانة

    ، ينتظرون حكمه فيهم ، ومع ذلك جاشت فيه نفس الشفقة والعطف والحنان ، ونسي ما كان منهم ،

    واحتسب أجره على الله تعالى ، وقدم مبدأ العفو عند المقدرة ، وقال " اذهبوا فأنتم الطلقاء " فالداعية لا

    ينتصر لنفسه عند مقدرته على من آذاه ، وإنما هو العفو والصفح ، وكما قال تعالى عن يوسف لأخوته{لا

    تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} إنه ليس العفو فقط ، بل الدعاء لمن أخطأ وتجاوز في

    العدوان ، تالله إنها لنفوس عجيبة ، فليست العزلة عن الناس تخلصا من أذاهم هي الحل ، بل الحل هو

    المخالطة لهم مع كمال الصبر عليهم واحتساب الأجر في ذلك ، ولا ينبغي ترك الساحة لأهل الأهواء

    والشهوات يلعبون في دين الناس والدعاة بمعزل عن واقع الحياة ، بل لا بد من المزاحمة ونشر النور ودعوة

    الناس إلى الحق مهما بلغت الحال من السوء وغلظ الحال ، فالعاقبة للمتقين ، فأنت أيها الداعية المبارك

    كالطبيب المعالج الذي يتعامل مع طبائع وشخصيات متفاوتة متباينة، فإن لم يكن لديه الصبر الكافي، سئم

    وترك مريضه عرضة للهلاك، وعلاجك للواقع أيها الداعية ليس يوما وينتهي، بل فترة من الزمن غير قصيرة،

    تجتث فيها خبائث الصفات، وتربي فضائل الأخلاق ، ولا نبقى في دائرة اتهام المجتمع بالفساد والانحلال

    ونحن في معزل عن السعي في إصلاحه ونشر الحق فيه ، ولم يأت زمن العزلة بعد ، بل المجتمع لا يزال

    يقبل الصلاح والإصلاح ، والخير في الأمة كثير ولله الحمد ، والشر وإن كان له دولة ، ولكنه كالزبد سيذهب

    جفاء وأما ما ينفع الناس فإنه يمكث في الأرض ، والأيام دول ، ولا يبقى إلا ما أريد به وجه الله تعالى ،

    فالاحتساب في معايشة الناس، ومعرفة واقعهم أمر مهم جدا للداعية ، إذ إن من عوامل نجاح الداعية الذي

    ينشد إصلاح الناس، أن يكون عالماً بأحوالهم، مدركاً لمشكلاتهم. ومن الأمور المتقررة عند أهل المعرفة أنه لا

    يستطيع العمل على تغيير واقع الناس وانتشالهم من الضلال إلى الهدى، ومن البدعة إلى السنَّة، بصورة

    صحيحة مؤثرة، إلا من عاشرهم، وداخلهم، وعرف أحوالهم؛ ولذا على الداعية وطالب العلم أن يستشعر

    الخيرية، التي جاءت في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم الذي يخالط الناس، ويصبر على

    أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» ومذهب جماهير السلف تفضيل الاختلاط

    بالناس، في الأحوال الطبيعية التي لا يلحق المسلم فيها ضرر في دينه، على اعتزالهم والبعاد عنهم، ولهذا

    قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: «خالطوا الناس وزايلوهم، وصافحوهم، ودينكم لا تَكْلِمُونه» وقال

    عمر - رضي الله عنه -: «خالطوا الناس بما يحبون، وزايلوهم بأعمالكم، وجِدُّوا مع العامة» وقال علي بن أبي

    طالب - رضي الله عنه -: «خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم؛ فإن لامرئ ما

    اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب» وفي هذه الآثار المذكورات عن عمر وعلي وابن مسعود - رضي الله

    عنهم - بيان للمنهج الشرعي في هذه القضية، وهو مخالطة الناس ومخالفتهم، مع مزايلتهم ومخالفتهم،

    وليس بين الأمرين تعارض؛ إذ الأمر كما توضحه هذه الآثار والآثار الأخرى، يراد به مخالطتهم بالأجسام،

    ومزايلتهم بالأعمال، مع المحافظة التامة على الدين، أن يصاب بضرر بسبب هذه المخالطة. ويحسن التنبيه

    هنا إلى أن أهل العلم لا يقصدون بذلك أن يختلط العالم والداعية بالناس اختلاطاً طاغياً على شؤونه وأموره

    الأخرى، بل هم مجتمعون على أن القدر الذي يطالب به من الخلطة، لا بد أن يكون معتدلاً في الجملة، ثم هو

    يتفاوت بعد ذلك بحسب المصلحة.والمهم أنه لا بد من مخالطة الناس والصبر عليهم ، فليس المطلوب أن

    يلقي الداعية كلماته ثم يمضي لا يشارك الناس أحزانهم وأفراحهم، إنما المطلوب أن يخالطهم وينفذ إلى

    قلوبهم بحسن الكلام والبشاشة والنجدة لكل ملهوف، فذلك يقبل بقلوبهم إليه، فيمكن تغيير

    أحوالهم.والمجتمع ليس على صفة واحدة ، ففيهم العالم والجاهل والغني والفقير والخفيف والثقيل والغبي

    والذكي والمصلح والمفسد والمعاند والمنقاد ، وصاحب الشهوة والهوى وصاحب الشبهة والبدعة ، والمجادل

    بالباطل ، إلى غير ذلك من أصناف المجتمع ، فعلى الداعية أن يعرف هذه الحقيقة ، وأن يبدأ في العلاج بقوة

    ونظر ثاقب وحكمة بالغة وتأن ورفق وحلم وصبر ، وعدم استعجال للنتائج ، وليست السلامة من الناس هي

    عين العافية ، بل مخالطتهم والصبر عليهم واحتساب الأجر فيهم هو العافية

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...

    المصدر ملتقى أهل الحديث

  2. #2
    انجليزي جديد
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    4
    معدل تقييم المستوى
    41

    رد: أيهما أفضل المخالطة مع الصبر أم العزلة ؟؟



المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •