النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: نصف ساعة تحت الارض

  1. #1
    انجليزي خبير الصورة الرمزية whisper of love
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    230
    معدل تقييم المستوى
    87

    30 نصف ساعة تحت الارض

    نصف ساعة تحت الأرض
    أكيد مجنون .. ‏أو انه لديه مصيبة .. ‏والحق أن لدي مصيبة
    أي شخص كان قد رآني متسلقا صور المقبرة في هذه الساعة من الليل كان ليقول
    هذا الكلام
    *
    *
    *
    ‏كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري رحمه الله انه كان لديه قبرا في
    منزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى .. ) ‏رب ارجعون رب ارجعون ( .. ‏ثم يقوم منتفضا ويقول ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل..

    حدث أن فاتتني صلاة الفجر وهي صلاة لو دأب عليها المسلم لأحس بضيقة شديدة
    عندما تفوته طوال اليوم .. ‏ثم تكرر معي نفس الأمر في اليوم الثاني ..
    ‏فقلت لابد وفي الأمر شئ .. ‏ثم تكررت للمرة الثالثة على التوالي ... ‏هنا كان
    لابد من الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها حتى لاتركن لمثل هذه الأمور
    فتروح بي إلى النار
    قررت إن ادخل القبر حتى أؤدبها ... ‏ولابد أن ترتدع وأن تعلم أن هذا هو منزلها ومسكنها إلى ما يشاء الله ... ‏وكل يوم أقول لنفسي دع هذا الأمر غدا
    .. ‏وجلست أسول في هذا الأمر حتى فاتتني صلاة الفجر مرة أخرى .. ‏حينها قلت
    كفى ... ‏وأقسمت أن يكون الأمر هذه الليلة



    ذهبت بعد منتصف الليل .. ‏حتى لا يراني أحد وتفكرت.. ‏هل أدخل من الباب ؟
    .. ‏حينها سأوقض حارس المقبره ... ‏أو لعله غير موجود ... ‏أم أتسور السور
    .. ‏إن اوقضته لعله يقول لي تعال في الغد .. ‏أو حتى يمنعني وحينها يضيع
    قسمي .. ‏فقررت أن أتسور السور .. ‏ورفعت ثوبي وتلثمت بواسطة الشماغ واستعنت
    بالله وصعدت
    برغم أنني دخلت هذه المقبرة كثيرا كمشيع ... ‏إلا أنني أحسست أنني أراها لأول مرة .. ‏ورغم أنها كانت ليلة مقمرة .. ‏إلا أنني أكاد أقسم أنني ما رأيت أشد منها سوادا ... ‏تلك الليلة... ‏كانت ظلمة حالكة ... ‏سكون رهيب..
    ‏هذا هو صمت القبور بحق
    تأملتها كثيرا من أعلى السور .. ‏واستنشقت هوائها.. ‏نعم إنها رائحة القبور
    .. ‏أميزها عن ألف رائحة ..‏رائحة الحنوط .. ‏رائحة بها طعم الموت ‏الصافي
    .. ‏وجلست أتفكر للحظات مرت كالسنين.. ‏إيه أيتها القبور .. ‏ما أشد صمتك
    .. ‏وما أشد ما تخفيه.. ‏ضحك ونعيم .. ‏وصراخ وعذاب اليم .. ‏ماذا سيقول لي اهلك لو حدثتهم .. ‏لعلهم سيقولون قولة الحبيب صلى الله عليه وسلم

    ) ‏الصلاة وما ملكت أيمانكم (

    ‏قررت أن أهبط حتى لا يراني أحد في هذه الحاله .. ‏فلو رآني أحد فإما سيقول
    أنني مجنون وإما أن يقول لديه مصيبه .. ‏وأي مصيبة بعد ضياع صلاة الفجر
    عدة مرات .. ‏وهبطت داخل المقبره .. ‏وأحسست حينها برجفة في القلب .. ‏والتصقت
    بالجدار ولا أدري لكي أحتمي من ماذا ؟ .. ‏عللت ذلك لنفسي بأنه خشية من
    المرور فوق القبور وانتهاكها ... ‏نعم أنا لست جبانا ... ‏أم لعلي شعرت
    بالخوف حقا!!!
    ‏نظرت إلى الناحية الشرقية والتي بها القبور المفتوحه والتي تنتظر ساكنيها
    .. ‏إنها أشد بقع المقبرة سوادا وكأنها تناديني .. ‏مشتاقة إلي... ‏وجلست
    أمشي محاذرا بين القبور .. ‏وكلما تجاوزت قبرا تساءلت .. ‏أشقي أم سعيد ؟ ..
    ‏شقي بسبب ماذا .. ‏أضيّع الصلاة . .. ‏أم كان من اهل الغناء والطرب .. ‏أم
    كان من أهل الزنا .. ‏لعل من تجاوزت قبره الآن كان يظن أنه أشد أهل الأرض
    .. ‏وأن شبابه لن يفنى .. ‏وأنه لن يموت كمن مات قبله ...‏أم أنه قال ما زال
    في العمر بقية ... ‏سبحان من قهر الخلق بالموت



    أبصرت الممر ... ‏حتى إذا وصلت إليه ووضعت قدمي عليه أسرعت نبضات قلبي
    فالقبور يميني ويساري .. ‏وأنا ارفع نظري إلى الناحية الشرقية .. ‏ثم بدأت
    أولى خطواتي .. ‏بدت وكأنها دهر .. ‏اين سرعة قدمي .. ‏ما أثقلهما الآن ..
    ‏تمنيت ان تطول المسافة ولا تنتهي ابدا .. ‏لأنني أعلم ما ينتظرني هناك .. ‏اعلم
    ... ‏فقد رأيته كثيرا .. ‏ولكن هذه المرة مختلفة تماما
    أفكار عجيبة .. ‏بل أكاد اسمع همهمة خلف أذني .. ‏نعم ... ‏اسمع همهمة جلية
    ... ‏وكأن شخصا يتنفس خلف أذني .. ‏خفت أن أنظر خلفي .. ‏خفت أن أرى أشخاصا
    يلوحون إلي من بعيد .. ‏خيالات سوداء تعجب من القادم في هذا الوقت ...
    ‏بالتأكيد أنها وسوسة من الشيطان ولا يهمني شئ طالما أنني قد صليت العشاء في
    جماعه فلا يهمني
    أخيرا أبصرت القبور المفتوحة .. ‏اكاد اقسم للمرة الثانية أنني ما رأيت
    اشد منها سوادا .. ‏كيف أتتني الجرأة حتى اصل بخطواتي إلى هنا ؟.. ‏بل كيف
    سأنزل في هذا القبر ؟.. ‏وأي شئ ينتظرني في الأسفل .. ‏فكرت بالإكتفاء
    بالوقوف .. ‏و أن اصوم ثلاثة ايام .. ‏ولكن لا .. ‏لن اصل الى هنا ثم اقف .. ‏يجب
    ان اكمل .. ‏ولكن لن أنزل إليه مباشرة ... ‏بل سأجلس خارجه قليلا حتى تأنس
    نفسي
    ما أشد ظلمته .. ‏وما أشد ضيقه .. ‏كيف لهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة
    من حفر النار أو روضة من رياض الجنة .. ‏سبحان الله .. ‏يبدوا ‏أن الجو قد ازداد برودة .. ‏أم هي قشعريرة في جسدي من هذا المنظر.. ‏هل هذا صوت الريح
    .. ‏ليس ريحا .. ‏لا أرى ذرة غبار في الهواء !!! ...‏هل هي وسوسة أخرى ؟؟؟
    استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. ‏ثم انزلت الشماغ ووضعته على الأرض ثم
    جلست وقد ضممت ركبتي امام صدري اتأمل هذا المشهد العجيب
    إنه المكان الذي لا مفر منه ابدا .. ‏سبحان الله .. ‏نسعى لكي نحصل على كل
    شئ . ‏وهذه هي النهاية .. ‏لاشئ
    كم تنازعنا في الدنيا .. ‏اغتبنا .. ‏تركنا الصلاة .. ‏آثرنا الغناء على
    القرآن .. ‏والكارثة اننا نعلم أن هذا مصيرنا .. ‏وقد حذرنا الله ورغم ذلك
    نتجاهل .. ‏ثم أشحت وجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت... ‏وكأني خفت أن يرد علي أحدهم
    يا أهل القبور .. ‏مالكم .. ‏أين أصواتكم.. ‏أين أبناؤكم عنكم اليوم .. ‏أين أموالكم .. ‏أين وأين .. ‏كيف هو الحساب .. ‏اخبروني عن ضمة القبر .. ‏أتكسر
    الأضلاع ..‏أخبروني عن منكر و نكير ... ‏أخبروني عن حالكم مع الدود.. ‏سبحان الله .. ‏نستاء إذا قدم لنا أهلنا طعام بارد أو لا يوافق شهيتنا .. ‏واليوم
    نحن الطعام
    لابد من النزول إلى القبر
    قمت وتوكلت على الله ونزلت برجلي اليمين وافترشت شماغي ووضعت رأسي ..
    ‏وأنا أفكر .. ‏ماذا لو انهال علي التراب فجأة ... ‏ماذا لو ضم القبر علي مرة واحده ... ‏ثم نمت على ظهري وأغلقت عيني حتى تهدأ ضربات قلبي ... ‏حتى تخف
    هذه الرجفة التي في الجسد ... ‏ما أشده من موقف وأنا حي .. ‏فكيف سيكون عند
    الموت ؟
    فكرت أن أنظر إلى اللحد .. ‏هو بجانبي ... ‏والله لا أعلم شيئا أشد منه
    ظلمه .. ‏وياللعجب .. ‏رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من الهواء البارد يأتي منه.. ‏فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف
    خفت أن انظر إليه فأرى عينان تلمعان في الظلام وتنظران الى بقسوة .. ‏أو
    أن أرى وجها شاحبا لرجل تكسوه علامات الموت ناظرا إلى الأعلى متجاهلني
    تماما .. ‏أو كما سمعت من شيخ دفن العديد من الموتى أنه رأى رجلا جحظت عيناه بين يديه إلى الخارج وسال الدم من أنفه .. ‏وكأنه ضرب بمطرقة من حديد لو نزلت على جبل لدكته لتركه الصلاة ... ‏ومازال يحلم بهذا المنظر كل يوم ..
    ‏حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد .. ‏ليس بي من الشجاعة أن أخاطر وأرى أيا من هذه المناظر .. ‏رغم علمي أن اللحد خاليا.. ‏ولكن تكفي هذه الأفكار حتى
    أمتنع تماما وإن كنت جلست انظر إليه من طرف خفي كل لحظة
    ثم تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم

    لا إله إلا الله إن للموت سكرات
    تخيلت جسدي يرتجف بقوه وأنا ارفع يدي محاولا إرجاع روحي وصراخ أهلي من
    حولي عاليا أين الطبيب أين الطبيب

    ) ‏فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين (

    ‏تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون لا إله إلا الله ... ‏تخيلتهم يمشون بي سريعا إلى القبر وتخيلت صديقا ... ‏اعلم انه يحب أن يكون أول من ينزل إلى القبر .. ‏تخيلته يحمل رأسي ويطالبهم بالرفق حتى لا أقع ويصرخ فيهم.. ‏جهزوا الطوب ... ‏تخيلت احمد .... ‏كعادته يجري ممسكا إبريقا من الماء يناولهم
    إياه بعدما حثوا علي التراب .. ‏تخيلت الكل يرش الماء على قبري.. ‏تخيلت شيخنا يصيح فيهم ادعوا لأخيكم فإنه الآن يسأل .. ‏أدعوا لأخيكم فإنه الآن
    يسأل
    ثم رحلوا وتركوني
    وكأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادما قد ظهروا بأصوات مفزعة ..
    ‏وأشكال مخيفة .. ‏لا مفر منهم ينادون بعضهم البعض.. ‏أهو العبد العاصي ؟...
    ‏فيقول الآخر نعم ...‏فيقول .. ‏أمشيع متروك ... ‏أم محمول ليس له مفر ؟ ... ‏فيقول الآخر بل محمول إلينا .. ‏فيقول هلموا إليه حتى يعلم إن الله عزيز ذو
    انتقام .
    . ‏رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين... ‏ما غرك بربك الكريم حتى
    تنام عن الفريضة .. ‏أحقير مثلك يعصى الجبار والرعد يسبح بحمده والملائكة
    من خيفته .. ‏لا نجاة لك منا اليوم ... ‏أصرخ ليس لصراخك مجيب
    فجلست اصرخ رب ارجعون ... ‏رب ارجعون ... ‏وكأني بصوت يهز القبر والسماوات
    يملأني يئسا يقول

    ) ‏كلاّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون (

    ‏حتى بكيت ماشاء الله ان ابكي .. ‏وقلت الحمد لله رب العالمين .. ‏مازال هناك وقت للتوبة
    استغفر الله العظيم وأتوب إليه
    ثم قمت مكسورا ... ‏وقد عرفت قدري وبان لي ضعفي وأخذت شماغي وأزلت عنه ما
    بقى من تراب القبر وعدت وأنا أقول
    سبحان من قهر الخلق بالموت

    خاتمة

    من ظن أن هذه الآية لهوا وعبثا فليترك صلاته و ليفعل ما يشاء

    (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون)

    ‏وليلهو وليسوف في توبته فيوما قريبا سيقتص الحق لنفسه وويل لمن كان خصمه
    القهار ولم يبالي بتحذيره ... ‏و لم يبالي بعقوبته ... ‏و لم يبالي بتخويفه
    أسألكم بالله أي شجاعة فيكم حتى لا تخيفكم هذه الآية

    (ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا)

    ‏ألا هل بلغت .. ‏اللهم فاشهد

  2. #2
    مميز
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    512
    معدل تقييم المستوى
    99

    رد : نصف ساعة تحت الارض

    لاأله الا الله

    محمد رسول الله

    كلمات معبرة لكل معتبر

    جزاك الله خير ونفع بما كتبته هنا

    وادعوكم اخوتي واخواتي لقراءته كاملا ففيه من العبر مايشحذ الهمم

    نعوذبالله بالله من الكسل وتضييع وقت الفرائض

    (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون)

    الحمدلله رب العالمين

  3. #3
    شخصية بارزة الصورة الرمزية المحيط الهادي
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    3,530
    معدل تقييم المستوى
    449

    رد : نصف ساعة تحت الارض



    whisper of love

    بارك الله فيك أختي whisper of love وحفظك من كل سوء على هذا التذكير والنقل المميز

    وغفر الله لك ولوالديك جميع ذنوبكم

    ورزقنا ورزقكم التوبة النصوح قبل الموت

    والراحة عند الموت والفوز بالجنة والنجاة من النار

    ودمتي ومن تحبين بحفظ الله ورعايته
    °•.?.•°رســــالة لأخوتي وأخواتي الاعضاء °•.?.•°

    كل لحظة تجمعنا اليوم ...
    قد لا تتكرر غدا ...
    فلنبقي الحب والأخوة رباط ود لا يقطعه قول قاس ...
    أو ظن سيء ...
    أو استهتار جارح
    ولنبني هذا المنتدى على هذا الاساس

    ودمتم جميعا بحفظ الله ورعايته

    أخوكم/ المحيط الهادي
    [GLOW="FFFF00"]***********************[/GLOW]



  4. #4
    انجليزي مشارك
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المشاركات
    68
    معدل تقييم المستوى
    67

    مشاركة: نصف ساعة تحت الارض

    [GRADE="8B0000 FF0000 FF7F50"][grade="00008b Ff6347 008000 4b0082"] لم أجد انسب لموضوعك من هذه القصيدة قصيدة
    زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله

    لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَنِ *إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ
    إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتـِهِ * على الْمُقيمينَ في الأَوطــانِ والسَّكَنِ
    سَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَنـي * وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والمـوتُ يَطلُبُنـي
    وَلي بَقايــا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها * الله يَعْلَمُهــا في السِّرِ والعَلَنِ
    مـَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني * وقَدْ تَمـادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي
    تَمُرُّ سـاعـاتُ أَيّـَامي بِلا نَدَمٍ * ولا بُكاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا حـَزَنِ
    أَنَـا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً * عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُنـي
    يَـا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ * يَـا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني
    دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُـهـا * وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيـرِ وَالحَزَنِ
    كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحــَاً * عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُنــي
    وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَـيْ يُعالِجَنـي * وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا اليـومَ يَنْفَعُني
    واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُـها * مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ
    واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها * وصـَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
    وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا * بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ
    وَقـامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في عَجَلٍ * نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتينـي يُغَسِّلُنــي
    وَقــالَ يـا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً * حُراً أَرِيباً لَبِيبـاً عَارِفـاً فَطِنِ
    فَجــاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني * مِنَ الثِّيــابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني
    وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحـاً * وَصـَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني
    وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني * غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ
    وَأَلْبَسُوني ثِيابـاً لا كِمامَ لهـا * وَصارَ زَادي حَنُوطِي حيـنَ حَنَّطَني
    وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيـا فَوا أَسَفاً * عَلى رَحِيـلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُنـي
    وَحَمَّلوني على الأْكتـافِ أَربَعَةٌ * مِنَ الرِّجـالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
    وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا * خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّى ثـمّ وَدَّعَني
    صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لهـا * ولا سُجـودَ لَعَلَّ اللـهَ يَرْحَمُني
    وَأَنْزَلوني إلـى قَبري على مَهَلٍ * وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهـم يُلَحِّدُنـي
    وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني * وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
    فَقامَ مُحتَرِمــاً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً * وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفـارَقَني
    وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا * حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
    في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــاك ولا * أَبٌ شَفـيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُنــي
    فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يــا أَسَفـاً * عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُنـي
    وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ * مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
    مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقولُ لهم * قَدْ هــَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
    وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهـِمُ * مَـالِي سِوَاكَ إِلهـي مَنْ يُخَلِّصُنِي
    فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يــا أَمَلي * فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهــَنِ
    تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا * وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
    واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـا بَدَلي * وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَـنِ
    وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَهــا * وَصَارَ مَـالي لهم حـِلاً بِلا ثَمَنِ
    فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها * وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ
    وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها * هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
    خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها * لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
    يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً * يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
    يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي * فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
    يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً * عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
    ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ سَيِّدِنـا * مَا وَصَّـا البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
    والحمدُ لله مُمْسِينَـا وَمُصْبِحِنَا * بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ[/grade][/GRADE]

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •