-
فتوى مهمة في تهذيب اللحية
--------------------------------------------------------------------------------
السؤال : سؤالي لفضيلة الشيخ / سليمان الماجد .. حفظه الله :
أحيانا يا شيخ بعض الناس ينمو له شعر في خده أسفل العين
هل هو تابع للحية ؟ وما حكم حلق مثل هذا الشعر؟ و أيضا
تخفيف اللحية بشكل عام لأني سمعت أن لك رأياً في ذلك ؟
و لكن أرجو أن يكون بالدليل والتعليل وإن كان اجتهاداً فعلى
ماذا بُني هذا الاجتهاد ؟
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي
بعده؛ أما بعد ..
اللحية في لغة العرب ما نبت على اللحيين طولاً وعرضاً ، وما
ذكرته خارج عن حدود اللحية فلا حرج في إزالته بأية طريقة .
وأما الأخذ من اللحية وتركها فهي مسألة اجتهادية ، وتحقيق
القول في ذلك أن أخذ ما زاد على القبضة جائز ، وهو قول
جماهير السلف والخلف ، ونص عليه فقهاء المذاهب الأربعة
وأخذ منها ابن عمر وأبو هريرة ، وروى ابن أبي شيبة في
"مصنفه" (21277) أن الحسن بن يسار البصري قال :
كانوا يرخصون فيما زاد على القبضة من اللحية أن يؤخذ منها .
وأما من حيث الدليل والتعليل فإن الأصل هو جواز الأخذ منها
والذي عرض لهذا الأصل عند بعضهم قوله صلى الله عليه
وسلم : في حديث ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله
عليه وسلم: «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَوْفُوا اللِّحَى» .
رواه مسلم في "صحيحه" (3 /122) .
والتوفير والتوفية والإرخاء والإعفاء وغيرها من الألفاظ
محتملة لحرمة الأخذ مطلقاً ، أو تحريم حلقها ؛ فلما ورد الاحتمال
نظرنا إلى هدي الصحابة رضي الله عنهم ؛ لنفهم الحديث من
خلاله ؛ كما هو المنهج الصحيح في فهم الكتاب والسنة
فوجدنا أن أبا هريرة وابن عمر قد أخذا منها ؛ دون أن يُنقل
نكير من أحد منهم على فعلهما ؛ فدل ذلك على أنهم فهموا
من الإعفاء منع الحلق لا حرمة الأخذ منها .
كما أن الأخذ من اللحى وتهذيبها مما يفعله بعض العرب
ومما لا ريب فيه أن هذه العادة بقيت بعد الإسلام ؛ ولو كان
مطلق الأخذ محرماً لنُقل إنكار ذلك على الخصوص ؛ كما يُروى
اليوم إنكار من يرى هذا الرأي ، ولو كان واقعاً لنُقل ؛ لأنه
مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله ، وكان الصحابة أحرص
الناس على هديه صلى الله عليه وسلم عملاً به ونقلاً له .
وقد كان هذا الهدي السكوتي عند أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم معتبراً في ما هو أعظم من هذه المسألة ؛ حيث أُصِّلت
مسائلُ الدين الكبار بناء على مثل هذا السكوت ؛ كقول أهل
السنة : إن نصوص الصفات يراد بها الحقيقة ، وكان من أقوى
الأدلة على ذلك سكوت الصحابة على ظاهرها ، وتركهم طلب
تأويلها .
فهل يُظن أن يتركوا الإنكار مع وجود عادة الناس عليها قبل
الإسلام وبعده ، وتحقق فعل بعض الصحابة لذلك إلا لمعنى
جواز ذلك ؟
كما أن الأمر بالتوفية جاء في أكثر الأحاديث في سياق التعليل
بمخالفة اليهود والنصارى والمجوس ، وكانوا يحلقون لحاهم
فدل ذلك على أن النهي موجه إلى الحلق .
وهذا مذهب الحنيفة كما في جاء في "حاشية مراقي الفلاح"
(1/272) : ( .. وأما اللحية فذكر محمد في الآثار عن الإمام
أن السنة أن يقطع ما زاد على قبضة يده ، قال : وبه نأخذ
كذا في محيط السرخسي ، وكذا يأخذ من عرضها ما طال .. ) .
وعند المالكية جاء في "التمهيد" (24/142) لابن عبد البر :
قال ابن القاسم : سمعت مالكًا يقول : لا بأس أن يؤخذ
ما تطاير من اللحية وشذ . أهـ . ونسب في "الاستذكار"
(4/315) القول بجوازه إلى جمهور العلماء .
وعند الحنابلة قال في الفروع (1/125) : ( .. ويعفي لحيته
وفي "المُذهَّب" ما لم يُستهجن طولها ، ويحرم حلقها ذكره
شيخُنا . ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة ، ونصُّه لا بأس
بأخذه ، وما تحت حلقه لفعلِ ابنِ عمر.. وأخذ أحمد مِنْ حاجبيه
وعارضيه .. ) .
وقال الإمام ابن تيمية في "شرح العمدة" في إعفاء اللحية :
( .. فلو أخذ ما زاد على القبضة لم يكره .. ) .
ولم تكن هذا الإطالة النسبية في الجواب إلا لما رأيته من بعض
الأحبة من جعل موضوع الأخذ من اللحية فيصلاً بين الملتزم
وغيره، والتشنيع على القائل بالجواز أو الفاعل له ، وقد رأيتَ
سهولة الخلاف ؛ بل ظهر أن الأرجح دليلاً وتعليلاً هو الجواز
وأن السلف من الصحابة والتابعين على هذا ، ولم يأت
المخالفون بأثر واحد يتضمن أن أحداً من الصحابة قال بالتحريم .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين
-
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات