عند باب مدرسة البنات
الشيخ خالد الخليوي
/ أذهبُ كلَّ يومٍ لإحضارِ ابنتي "لُجين" من مدرسَتِها المتوسّطة .. وعِندَ بابِ المدرسة تجتمعُ الأعداد الكبيرة التي تنتظرُ الحارِسَ الذي يقوم بإخراجِ (الميكرفون) ، ليبدأ كلُّ واحدٍ منّا بالتصويتِ على ابنته .. وفي وقتِ الانتظار هذا .. سَتَجِدُ نفسكَ أمامَ مناظِرَ مُتعدّدةٍ من هؤلاءِ النّاس.. فمنها ما يُزعِجُك ويُقلِقُ راحتك.. ومنها ما يُفرِحُك ويُدخِلُ السرورَ إلى قلبك .. فتعالوا أيّها القُرّاءُ الكرام لتتأمّلوا معيَ صورةً رائعةً ومشهداً بهيجاً .. يقومُ بهِ والِدٌ مع ابنته كلَّ يوم. إنّهُ أبٌ كغيرِهِ من الآباء في صورته الظاهرة .. لكنّهُ حديقةٌ مملؤةٌ بالرحمة والأدب .. وورودٌ متنوّعةٌ من العطفِ والحنان في صورَتِهِ الحقيقيّة .. انتظارٌ وتحفّزٌ من الأب لابنته .. فما إن يتحقّق أنَّها قد خرجت إلاّ ويُقْبِلُ عليها ، فيأخُذُ منها حقيبتَها ويضع يده على كتفها كالصديقين ، ثمَّ يسيرانِ إلى سيّارتهم .. إنّهُ مشهدٌ قصيرٌ في وقته .. لكنّهُ عظيمٌ في دلالتِهِ ومضمونه قارِنوا معيَ أيّها الفُضلاء هذا المشهدَ الرائعَ ببعضِ الصوَرِ الأُخرى التي تَقَعُ على نفسِ المسرح (عندَ بابِ المدرسة) .. أحدُ الآباء ينتظِرُ في السيّارةِ حتّى مجيءِ ابنتهِ إليه .. وآخرُ ينتظِرُ ابنتَهُ حتى إذا ما رآها سارَ مباشرةً إلى سيّارته لتقومَ هي بمتابعتهِ وكأنّها دابةٌ يقودها صاحِبُها .. وثالِثٌ ينتابُكَ الشكُّ في الوهلةِ الأولى في أنَّ هذه البنت هي ابنته لشدّة الجفاءِ منه إليها .. فلا ابتسامةَ في وجهها .. ولا بشاشةَ عندَ قدومها .. بل ولا السلامَ عندَ اقترابها .. ورابِعٌ مشغولٌ بتهيئة كلماتِ العتابِ والتأنيبِ التي سيصُبّها على ابنته صبّاً بسببِ تأخُّرِها في الخروج .. وخامسٌ لم يأتِ أصلاً لاستقبالِ ابنتهِ وفَلَذةِ كَبِده .. وإنّما أوكلَ ذلك إلى السائق الأجنبي (مُسلماً كانَ أو كافراً) يتجرّاُ عليها مع الأيّام وتتجرّاُ عليه .. وأمّا صاحِبُنا فقد احتوى قلبُهُ ابنتَه .. فأصبحَ يحوطُها بسياجٍ من العاطفةِ الصادقةِ والحنانِ الفيّاض حتّى يسلِّمها بإذنِ الله إلى مَنْ يُكملُ معها المسير .. وإنّي سائِلُكم يا أولي الألباب فأقول : أوَ تظنّونَ أنَّ مفهومَ التربيةِ والرّعايةِ عندَ هذا الأبِ الخَلُوقِ لا يتجاوَزُ حدودَ الطعامِ والشرابِ والكِساء ؟ .. أم أنَّهُ قد أدركَ المعنى الحقيقيّ والجانِبَ الأساسي من جوانِبِ التربية .. ألا وهو تربيةُ الروح .. وتنميةُ العقل .. والسموُّ بالفؤاد ؟.. ثمَّ إني أُتبِعُ هذا السؤال بآخر فأقول : أوَ تظنّونَ أيضاً أن هذهِ الفتاةَ سَتَجِدُ في نفسها فراغاً عاطفيّاً تُحاوِلُ بسببهِ البحثَ يميناً وشمالاً عمّن يملؤُهُ لها ؟.. حتّى وإن كانَ عبرَ تواصُلٍ حرام ؟ .. أم أنّها تملِكُ من استقرارِ النفسِ .. وسعادةِ القلبِ .. وطمأنينةِ الروح ما تغتني به حتّى يُيسِّرَ الله لها الزّوج الصالح والذرّية الطيّبة ؟.. آهٍ ما أكثر الظالِمينَ لفتياتِهم .. وما أكثر المحروماتِ من أدنى عباراتِ الحُبِّ والعطفِ والحنان .. وتأمّلوا في هذه الكلمات ( يا حبيبتي ، يا بُنَيّتي ، يا عُمري ، يا حُلوة ، يا رائعة ...) .. فمعَ جمالِها وسهولةِ نُطقها إلاّ أنَّها ستبقى صعبةً على كثيرٍ من الأفواه .. وفي المقابل .. تأمّلوا في هذه الكلمات ( يا غبيّة ، يا هيش ، يا ****ه ، يا فاشِلة ... ) .. فمعَ شناعتِها وقُبحِ معناها إلاَّ أنّها دَيْدَنُ كثيرٍ من الألسُن تِجاهَ الفتياتِ والزوجات .. وليست المشكلةُ الكُبرى أن تقالَ لهم تلك العِبارات فحسب .. وإنّما .. في أن يكون القائلُ لها هو والِدُها أو والِدتُها .. وأمامَ الناس في أحايينَ كثيرة .. وإنَّ مما يَزيدُكَ غيظاً .. أن يأتي إليكَ ذاك الأبُ الذي هذه صورته وتلكَ سجيّته ليحكي لكَ استغرابَه من حالاتٍ بدأت تمرّ بها الفتاة .. فَشَلٌ في الدراسة .. انطواءٌ وغُموض .. صداقاتٌ مُبعثرة .. كلماتٌ قبيحة ..مفاجآتٌ مُرّة .. بل ربّما أخَذَ يُعلّلُ لكَ استغرابَه ويقول : لا أدري كيفَ انحرفَ أولادي أو أحدُهم عن جادّة الصّوابِ معَ أني وفّرتُ لهم كلّ شيء ؟! وأقول : لعلّكَ قتلتهم بما وفّرتَهُ لهم .. فماذا وفّرتَ لهم أيُّها الأبُ الحاذِق ؟ أَطَعامٌ وشراب ؟! .. وكِساءٌ وثياب ؟! وملاهٍ وألعاب ؟! .. ثمَّ ختمتها بقنواتٍ فاضِحةٍ وخراب ؟! وأمّا أهمُّ شيء فلم تُقدّمهُ لهم بعد !! إنَّهُ أنت .. إنّهُ وجودُكَ وتوجيهُك .. إنّهُ مزاحُك ومُداعبتُك .. إنّهُ عطفُكَ وحنانُك .. إنَّ في قلوبِ الأولادِ فراغاً لا يملؤُهُ أن تُحضِرَ لهم الدُنيا بحذافيرِها .. وإنَّما هو شيءٌ يسيرٌ من الحُبّ .. ورحمةٌ غامِرةٌ نَبَعت من القلب .. ألا فلتُدرِكِ المعنى الحقيقيَّ لكونِكَ أبا .. ولا تكن ممّن عَرَفَ الحقَّ فجانَبَهُ وأبى .. وصَدَقَ النبيُّ صلى الله عليهِ وسلّم حينما قال لذاكَ الأبِ الذي له عشرة من الولد ، وما قبّلَ واحِداً منهم : " وما أملك أن نزعَ الله الرحمةَ من قلبك "
مكان واحد ومشاهد مختلفة يستحق التامل كلهم اباء ولكن يختلفون منهم الحنون ومنهم من اسلوبه جاف ومنهم المهمل 00000 فعلا البشر طبائع واساليب مختلفة ليت كل الناس يقتدون بمعلم البشر صلى الله عليه وسلم في تعامله يقف الواحد منا مذهولا امام سيرته وتعامله
جزاك الله كل خير
dear
رفع الله قدرك
كلمات رائعه حقا
ما يحتاجه الآباء فقط هو التأمل في معنى الأبوه الحقيقيه عندها فقط سيكون الأبناء بخير
دمت كما تحب
استاذنا القدير dear
كتب الله اجرك ورفع قدرك وبارك لك وقتك وجهدك
قصه رائعه تكشف عن انواع مختلفه من قلوب الآباء
أسأل الله أن يحنن آباء المسلمين على ابنائهم وفتياتهم ويصلحهم لهم ,,
كل الشكر,,
dear
مشكوور استاذنا
كلمات رائعه لواتبعها بعض الاباء ولكن الله يهديهم
الله يعطيك العافيه على الموضوع الرائع
شكر الله لك أختي الكريمة (الانس بقرب الله) تشريفك وتعليقك القيم ودعواتك المباركة.
الله يعطيك العافية أختي الفاضلة (#Lamara#) على تفاعلك ودعواتك الطيبة.
سلمك الله أختي الكريمة (كل الحنان) وشكر الله لك تشريفك ودعواتك المباركة.
الله يعافيك ويسلمك أختي الفاضلة (عـبـيـر الـورد™) شكرا لتشريفك.
كلمات رائعة وموضوع مفيد ..
أشكرك أخي dear
نعم اخي هناك من هو اشد من ذالك وذا ضاعت البنت انبها وحملها كامل المسؤلية .....
اعط بنتك من الحنان ما يكفي لحفظها من البحث عنه في مكان اخر ...
مشكور اخوي الحربي
شكرا لك أخي الفاضل (Drob) تسلم والله لمرورك العاطر.
الله يعطيك العافية أخي الفاضل (علاء الحاتمي)
شكر الله لك تشريفك وإضافتك القيمة.
جزاك الله خيراخي dear
اتمنيت كل اب يقراء ما وضعته لنا
شمر الله لك أختي الكريمة (meme cute) تشريفك ودعوتك الطيبة.
بارك الله فيك
استــاذي الفاضــل dear
رفــع الله قـــدرك وبـــارك فيــك لما تنتقــي من مواضيــع هــادفه ورائعــــــه
كل الشكــــر لك ودمـــت بخـــير ..
الله يبارك في عمرك وعلمك أخي الفاضل (محمد ابو شهد).
الله يبارك فيك ويسلمك أختي الكريمة (~ Dream ~) على تشريفك وتشجيعك ودعواتك المباركة.
نه)سواءا...........
عند بوابة مدرسة او جامعة او معهد........للبنات
مازالت مثل هذه المشاهد الاليمة تتكرر و اكثر..........
لكن تبقى صور مشرقة لأباء و أخوة لا نملك لهم سوى الدعااااااااااااااااء....
من قلوب اتسمت بالرقة و مشاعر مرهفة.....
(الرفق ماكان في شيء الا زااانه))
سلمك الله أختي الكريمة (مجبورة ارحل) على تشريفك وتعليقك القيم.
يعطيك العافية استاذنا dear
موضوع جميل يستحق الطرح
لكن انا عندي تعقيب بسيط على الكلام اللي انت كاتبه
الأب لما ما يروح يجيب بنته من المدرسة مو معانتها انو خلاص
ماعندو حنان في قلبه لها لاممكن يكون الاب عندو شغل
ثاني اهم من انه يجيب بنته من المدرسة وخلاص هو جايب
سواق عشان يجيب بنته من المدرسة
ومعاك حق في الكلام اللي المفروض يقوله الأب لبنته وممكن في أباء
كثير يجهولو هذا الشي وفي الاخير تلقى بناتهم ضايعين في الشوارع
يعطيك العافية
الله يعافيك ويسلمك أختي الكريمة (nice heart) على تشريفك وتعليقك القيم.
كلمات جميله
اختيار موفق ..
سلمك الله أختي الكريمة (هدووء) على تشريفك ومرورك.
ضوابط المشاركة
رد مع اقتباس
المفضلات