إن من محاسن شريعتنا الغراء صلاة الإستخارة التي جعلها الله لعباده المؤمنين
بديلا عما كان يفعله أهل الجاهلية من الإستقسام بالأزلام والحجارة الصماء التي لا تنفع ولا
تضر ...
وعلى الرغم من أهمية هذه الصلاة ... وعظم أثرها في حياة المؤمن ... إلا أن كثيرا من
الناس قد زهد فيها ... إما جهلا بفضلها وأهميتها ... وإما نتيجة لبعض المفاهيم الخاطئة
التي شاعت بين الناس مما لا دليل عليه من الكتاب والسنة ...
فــــــــــمـــــــن هــــــــــذه المــفـــــــــــــــاهــ ـــــ ـــــــــــيــــــم
** إعتقاد بعص الناس أن صلاة الإستخارة إنما تشرع عند التردد بين أمرين ...
وهذا غير صحيح لقوله صلى الله عليه وسلم (( إذا هم أحدكم )) ولم
يقل إذا تردد ... فإذا أراد المسلم أن يقوم بعمل وليس أمامه سوى خيار واحد فقط قد هم بفعله ...
فليستخر الله على الفعل ثم ليقدم عليه ... فإن كان قد هم بتركه فليستخر على الترك ...
أمــــا إن كــــانـــت عنــــده عــــدة خيــــارات فـــعــــليــــــــه
أولا ... بعد أن يستشير من يثق به من أهل العلم والإختصاص
أن يحدد خيارا واحدا فقط من هذه الخيارات ... فإذا هم بفعله قدم بين يدي ذلك الإستخارة
** اعتقاد بعض الناس أن الإستخارة لا تشرع إلا في أمور معينة ...
كالزواج والسفر ونحو ذلك ... أو في الأمور الكبيرة ذات الشأن العظيم ...
وهذا إعتقاد غير صحيح لقول الراوي ((( كان يعلمنا الإستخارة في الأمور كلها )))
ولم يقل في بعض الأمور أو في الأمور الكبيرة ...
وهذا الإعتقاد جعل كثيرا من الناس يزهدون في صلاة الإستخارة
في أمور قد يرونها صغيرة ... أو حقيرة ....أو ليست ذات بال ... ويكون لها أثر كبير في
حــــيــــــاتــــهـــــم
** إعتقاد بعض الناس أن صلاة الإستخارة لا بد لها من ركعتين خاصتين ...
وهذا غير صحيح لقوله في الحديث (( فليركع ركعتين من غير الفريضة ))
فقوله من غير الفريضة عام ... يشمل تحية المسجد ... والسنن الرواتب ... وصلاة
الضحى ... وسنة الوضوء ... وغير ذلك من النوافل ...
** اعتقاد بعض الناس أنه لا بد من انشراح الصدر للفعل بعد الإستخارة ...
وهذا لا دليل عليه ... لأن حقيقة الإستخارة تفويض الأمر لله ... حتى وإن كان العبد
كارها لهذا الأمر ... والله عز وجل يقول { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ
لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ... وهذا الإعتقاد
جعل الناس في حيرة وتردد حتى بعد الإستخارة وربما كرر الإستخارة مرات فلا يزداد إلا حيرة
وترددا ... ولا سيما إذا لم يكن منشرح الصدر للفعل الذي استخار له ... والإستخارة إنما شرعت
لإزالة مثل هذا التردد والإضطراب والحيرة...
** اعتقاد بعض الناس أنه لابد أن يرى رؤيا بعد الإستخارة تدله على الصواب ....
وربما توقف عن الإقدام على العمل بعد الإستخارة انتظارا للرؤيا ....
وهذا الإعتقاد لا دليل عليه بل الواجب على العبد بعد الإستخارة أن يبادر إلى العمل مفوضا الأمر إلى
الله كما سبق ... فإن رأى رؤيا صالحة تبين له الصواب فذلك نور على نور .... وإلا
فلا ينبغي له إنتظار ذلك
هذا ومن أراد الإستزادة في هذا الموضوع فليراجع كتاب ((( سر النجاح
ومفتاح الخير و البركة والفلاح ))) وهوكتيب صغير الحجم فيه المزيد من
المسائل المهمة للشيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز المسند
المفضلات