البُسطاء

[RIAN]

(1)

منذُ أيام الطفولة ومع خطواتُنا الأولى في الحياة حتّى تشيب رؤوسنا وكثيراً من القصص تحكا لنا عن الحرب والحب، وعن الشجاعة والكرم، وعن شخصيات تاريخية تمثل الأفضل في خيالنا، فذكر عنترة يجلى لنا الحب والشجاعة التي أشتهر فيهما واشتهرا به، ولكن لم تتعدى معرفتنا به ما ذاع وشاع عنه من أخبار و آراء، جلُّها مستقاة من جيل إلى أخر حتّى أصبحت أساطير عن شخصية حقيقة، فهل حقيقته تشابه ما يروا عنه (!)

تُمثل لنا هذه القصص القمة في كل شيء، في العشق والشوق، وفي الحرب والحب، والحياة والفَناء، فهل من المفترض أن نكون كهذه القصص لنكن محبين أوفياء (!)

عندما أقرأ قصة عنترة بحيادية أعرف أن حرمانه وعذابه هو سبب شهرته، وأن جُلّ ماكان يطلبه هو أن يعيش بسلام مع من يحب ويبدو أن مطلبه لم يتحقق وهوا ما جعل منهُ مشهوراً حتّى يومنا هذا..

في المرحلة المتوسطة ترك مدرس الأدب "الأدب" وراح يحكي لنا عن صحابي جليل قُذفَ به من فوق الأسوار في إحدى المعارك، ليقتل كل من حول الباب ويفتحهُ للمسلمين ويتحقق النصر، ربما ذهب هذا المدرس لبيته ذالك اليوم وقذف بعدة أكواب من البن بعد الغداء لتساعده على النوم قرير العين غير مدرك للمأزق الذي وضعني فيه عن مهيتي ودوري في الحياة، فهل يجب أن يقذف بي كي أكون بطلاً (!)

(2)

هناك قصة أو مورث اجتماعي في عائلتنا عن جدي لأبي، يقال انه استطاع لوحده أن ينقذ قرية كاملة من الموت المحقق عندما دافع عنها ببندقية واحدة، يروي الجميع القصة بنفس الأسلوب وان اختلفت المفردات، عمي هو الوحيد الذي يروي القصة كما حدثت فجدي كان يطلب النجاة والعيش بسلام ومن أجلها دافع عن القرية، وكان نصيبه من تلك المعركة نصب تذكاري على جبينه والحمدلله انه انتصر و إلا لما كنت اكتب لكم هذا اليوم (!)

عندما أتحدث عن قصص الآخرين فيجب أن اذكر قصتي، عندما كنت في الرابعة عشر من العمر انتقل إلى حينا مجموعة من أبناء ألعمومه، أبنائهم الذين كانوا بنفس عمري خمسه، لم يسلم أحد من شرهم، كانوا يتحرشون بنا كل يوم ومتى ما سنحت الفرصة، وفي عصر يوم اغبر شاهدتهم يتحرشون بطفل لم يتجاوز العاشرة فقررت التدخل لحمايته وطلبت منه أن يهرب إلى بيتهم وأنا سوف أتكفل بصدهم، عندما هرب اجتمعوا في وجهي وانقسموا إلى قسمين الأول ممسك بالحجارة لجلدي من بعيد والأخر سوف يستخدم يديه لضربي، دب الرعب في قلبي ولكني لم اهرب فجدي أستطاع إنقاذ قرية بمفرده والصحابي قذف به وقاتل حتى فتح الباب، لم اصمد طويلا بعدا ما بدأت المعركة ضربوني وركلوني وشقوا ثوبي وسرقوا حذائي وقذفوا بي في الساحة بعدا أن كسروا سني (سني هذا كان سبباً لقصه عظيمه لاحقاً ) وضربوني بــ (ماصوره) على جبيني الأيسر لأشارك جدي جزء من نُصبه التذكاري رغم ما حل بي، تشافت جراحي وبقيت لمدة عشر سنوات نادماً على قراري بحمايته حتّى التقيت برجل في احد الأماكن العامة واحتضنني بحرارة وسط دهشتي وقال انه يعرفني جيداً ويحبني ولن ينسى صنيعي له قال لي انه ذالك الفتى الذي كنت اعتقد أني أنقذته من الضرب فقط حتى قال لي الحقيقة

(3)

أتأمل هذه القصص بين حين وآخر، وأخر هذه الأحيان عندما توقفت أمام المرآة ليلة البارحة، لاحظت أن الشعر الأبيض بدأ يظهر بشكل كثيف حول حواف رأسي، ولم احقق شيء من ما حققه كلّ تلك الشخصيات، وكل ما احمله هو ارث ثقيل لما حققه أسلافي من جدي حتى اصل لمن قذف به من فوق الأسوار (!)

(4)

هناك ألاف القصص تدور في الخفاء وبين قلوب الناس وخلف الأبواب في غرف النوم، وعلى الآسرة البيضاء، وفي دفاترنا الصغيرة، في الشوارع المظلمة وخلف الأسوار، تحكيها لنا الجدران، وتحكيها لنا أعين الحب، تدور بسلام بعيد عن الشقاء والحرمان تحت ضوء قمر ومع ابتسامه وقلب يحب، وفي قلوب عُشاق بسطاء، وفي البيت الذي في أخر الشارع حيث يسكن الرجل الصامت، وبين جارنا العجوز وزوجته، قصص وحكايات لا يشعر بها إلا أصحابها بتفاصيلها الدقيقة، بعنفوانها وضعفها القوى (!)

بسطاء لم يقذف بهم يوماً ليصبحوا أبطالاً، ولم يقتلوا ليحبوا أو ليكونون محبوبين، لم يحملوا ارث أجدادهم الثقيل ليذكرون به كل ما سنحت الفرصة، بل عاشوا بسلام واستمتعوا بحياتهم، ولم يعشوا اشقياء لم تنفعهم شهرتهم بعد ما فارقوا الحياة لماذا نقذف بمن نحب خارج أسوارنا (طلباً للبطولة) (!)

انتهت قبل الأوان (!)

(البدر)

[The tolerant]

[نوافي]

استمتعت بقراءتها

[ACME]

[✿ رِوَآءْ]

الغآئب الحآضر

ريّآن

\

لي عودهـ ..
فسكبٌ بتلكـ الروعهـ ..
لم تكتفي الروح لمثلهـ بدقآئق كوقتي..
فقد لآمس القلب وأكثر ..
لعل ظروفي تجود للعودة إليهـ ..

دمت رآئعآ ..