بقلم / عبد الملك بن سعد
الحمدلله وحده , والصلاة والسلام على من لانبي بعده.
أمابعد.
فإن من فضل الله عليَّ ونعمته – ولاحَدّ لفضله ونعمه - أن وهبني بنتاً ملكت شغاف قلبي؛ فلم أعد أشعر مع حبها الأبوي الصادق الدافق بحب آخر؛ إلا ما أحبه الله تعالى , وأوجب على العباد حبه؛ فهو المقدم في الحب ولاشك.
*** صغيرتي سارة (سوسو) كما يحلو لي أن أناديها ... لاولد قبلها ولابعدها ... هي وحيدتي - والحمد لله على كل حال - .. تبهج نفسي وتملأ عيني حينما أنظرإليها , وتثلج صدري إذا حادثتها . سكنت في فؤادي بكل قوةٍ وعنفٍ أنثوي رائع فتمكنت , وعلى عرش الجَنَان الحاني تربعت . هي أنسي وسلوتي , وفرحتي وسعادتي . هي شريان قلبي وهدب عيني . هي ريحانة بيتي الصغير وشهده وشذاه , وخزامى ربيعه الفواح . هي شمسه عند إشراقها , وقمره عند إبداره , ونجومه عند تلألئها , وجوزاؤه في عليائها . هي نسيمُ ليلهِ العليلُ الهادئ , وصبحهُ المشرقُ الدافئ . هي ليله في عسعسته , وصبحه في تنفسه.
*** لاتلوموا أباً رحيماً عند إطرائه لثمرة قلبه , ففرحتي عند أمرها لي لاتوصف , وأكاد أطير فرحاً إذا أخذت في مسح رأسي - وأنا في فراشي - وقصت علي أساطير الأطفال البريئة , ولا أقاوم جرأة الطفولة عندما تدخل يدها في جيبي لتأخذ منه ماشاءت لفسحتها الدراسية وغيرها من حاجاتها , وأنّى لي أن أقاوم كيدها الفطري البريء . فكم أعلنت لها - وبكل تواضع - استسلامي , وطلبت الهدنة المفتوحة!!. أرجوكم .. لاتلوموني فهي بنيتي وأنا أبوها.
*** عندما أعيش وجداني العاطفي الأبوي الفطري العميق - لا العقيم؛ كعواطف العلمانيين الخداعة السامة - أقول: عندما أعيش هذه العواطف الجياشة تجاه بُنَيَّتي؛ أحمد ربي الكريم الوهاب أن مَنَّ علي بها , وأنني لم أعش في الجاهلية الأولى؛ فأخسرها بوأدها كما كان يفعله أهل الجاهلية الغابرة .. قبح الله تلك الجاهلية البغيضة التي داس الإسلام على هامتها المحشوة كفراً وطغياناً , وأنقذ ذواتِ الخدورِ المستضعفاتِ الرقيقاتِ الناشئاتِ في الحلية من عاداتها المحرقة , وحفرها المظلمة , ورمالها المهلكة.
*** إخواني في الله .. إقرؤوا وتدبروا .. يقول الحكمُ العدلُ - سبحانه - عن مجرمي الجاهلية الأولى: (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم . يتوارى من القوم من سوء مابشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب . ألا ساء مايحكمون).. ويقول - جل ذكره - عن موقفٍ من مواقف يوم الحساب والسؤال: (وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت). عند التدبر ليس أمامك إلا أن تقول وبكل تذلل وانكسار , وصدق وإيمان: لك الحمد ياربنا إذ هديتنا للإسلام.
*** أحبتي .. إن نعمة البنات نعمة عظيمة لاتقدر بثمن , ولا يعرف قدرها إلا من مُلئ قلبه إيماناً , وطمع فيما عند الكريم - سبحانه - من ثوابٍ عظيم . وقد أشار إلى هذه النعمة الكريمة نبيُّ الرحمة – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين) وضم أصابعه . وفي الحديث المتفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:دخلت عليَّ امرأةٌ ومعها ابنتان؛ فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة؛ فأعطيتها إياها , فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها . ثم قامت فخرجت فدخل النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا فأخبرته فقال:(من ابتلي من هذه البنات بشيء؛ فأحسن إليهن كن له ستراً من النار).
*** هنيئاً لابنتي (( الأمورة)) وأخواتها المؤمنات العفيفات؛ رعاية الإسلام لهن , وحفظه لحقوقهن , ورفعه لشأنهن؛ الذي يسعى لحطه العلمانيون المتمردون على الفطرة السليمة , والفضيلة المحروسة . وأنّى لهم ذلك ودين ربي إذا تغلغل في سويداء قلبِ المؤمنات لايتزعزع بإذن الله , ولهن في سُمَيَّةَ السَّامِيَة أعظم مثال.
*** أحبتي .. لقد بحت أصوات العلمانين والليبراليين , وتورمت حناجرهم المترهلة المنتنة؛ وهم ينادون بكل وقاحة وخبث وحقد دفين وسوء طوية لرفع الظلم ((زعموا)) عن نساء المؤمنين!!!.
نعم .. إنه الظلم عندهم فحسب , وذلك حينما تكون المرأة المؤمنة طاهرة عفيفة قانتة عابدة سائحة , ورضيت بالقرار في بيتها طاعة لله ورسوله , وخلفها أسود يحيطونها بالحب والرعاية والغيرة . هذا هو الظلم عندهم . أما من فقد الغيرة ورضي بالخسة والدياثة فهو المقدم والمقدس .. ألا ساء مايزرون .. ويكفي في فضحهم وذمهم قول جبار السموات والأرض: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض . يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم . نسوا الله فنسيهم . إن المنافقين هم الفاسقون).
*** إنهم العلمانيون المتحجرون .. يسعون حثيثاً دون كلل أو ملل , وتؤزهم الشياطين أزّا؛ حتى يظفروا ببنياتنا العفيفات ليكن راقصات كالحمر الوحشية على خشبات قتل العفة والطهارة , أو مغنيات ناهقات كالحمر الأهلية في أبشع صور وأد الكرامة , أو ممثلات يخالطن الرجال الأوباش في دهاليز العفن الفني , أو عارضات أزياء يعرضن أجسادهن للذئاب الجائعة والكلاب المتعطشة الضارية, أو بغايا لا ملجأ لهن إلا فنادق البغاء وأوكار الزنا .. وقائمة القوم المفلسين طويلة لاتنتهي عند حد إلا حينما ينسلخ المسلم من دينه وغيرته؛ فيكون عبداً مثلهم لأعداء الدين.
*** أي بني علمان .. اعلموا - قبحكم الله – أن بنات المسلمين التقيات لا يأبهن بما تتقيؤونه على صفحات عفنكم العفن , ولن تنالوا منهن إلا كما يناله الذباب إذا وقع على العسل؛ فأجلبوا بشركم فإنه مقطوع بإذن الله الحفيظ العليم.
*** أحبتي .. يذهل المؤمن الرحيم , ويتقطع قلبه الكبير, وتتفطر كبده , ويحار عقله؛ عند سماعه عن أبٍ قاسي القلب ضرب ابنته الضعيفة , وفلذة كبده المسكينة حتى هلكت أو كادت تهلك . يالها من قلوب بلغت القسوة منها مبلغها!!.
*** رفقاً أيها الآباء بالبنات؛ فإنهن الستر المنشود , وارتسموا خطا الحبيب عليه الصلاة والسلام في تعامله مع هذا الجنس الكريم الحبيب. فعن خويلد بن عمرو رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة). فاتقوا الله تعالى في مولياتكم.
*** يالرِقّة قلوبهن , ويالعظم رحمتهن بآبائهن وأمهاتهن وأبنائهن وإخوانهن!!.عجيبٌ أمرهن والله !!! وسبحان من خلقهن وأكرمهن.
*** أيها الفضلاء .. يجب على كل مسلم رُزِقَ بنتاً – وإن كانت واحدة - أن يحمد ربه عليها , وأن لايتذمر ويعتدي على قدر الله الحكيم العليم عندما يبشر بها . يقول سبحانه:( لله ملك السموات والأرض يخلق مايشاء . يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور . أو يزوجهم ذكراناً وإناثا . ويجعل من يشاء عقيماً . إنه عليم قدير).؛ فليسمع وليطع وليسلم أمره لله رب العالمين , وليرض بما قسمه له . ويجب عليه أن يحرص كل الحرص على نشأتها نشأةً مفعمةً بالتقوى والحياء؛ فهذه البنت الكريمة سِترٌ من النار - ومرحباً بالستر - وسبب لرفقة من يتمنى كل واحد منا رفقته في الجنة – ومرحباً بالسبب - وأقسم بالذي برأ النسمة؛ أنه لا يضيع هذه النعمة إلا المحروم.
*** كم من بنت – مستضعفة - فاقت الذكور ديناً وعلماً وأدباً وعطفاً!!! , وكم من بنت جاءت بالبركة لوالديها!!!؛ فلك الحمد يارب على ماأنعمت به علي.
*** اللهم احفظ بناتنا من كيد المنافقين المتربصين.
*** اللهم احفظ ابنتي وأخواتها المسلمات من كل سوء , وارزقنا برهن وبركتهن.
أستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه.
المفضلات